الأربعاء، 18 يونيو 2014

التبيه إلى خطأ ما كتبه عبدالعزيز الطريفي عن ذنوب الخلوات وأنه فهم الخوارج‎


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد


هذا تنبيه إلى خطأ في تغريدة كتبها عبدالعزيز الطريفي في تويتر

إذ قال

((  كما أن طاعات الخلوات أعظم فكذلك ذنوب الخلوات أخطر، لأن من لم تخفه في سرّك لن تطيعه في علانيتك إلا نفاقاً، فرَب السرّ هو ربّ العلانية . )

صورة التغريدة



هذا الكلام هو أقرب إلى كلام العوام منه إلى التحقيق والعلم

فالطريفي هنا يقرر أن الذنب المستور أخطر من المجاهرة به

الحقيقة أن كثيرا من العوام يعرفون خطأ هذا القول بفطرتهم فضلا عن أهل العلم

لا شك ولا ريب أن المجاهرة بالمعاصي أخطر على صاحبها وعلى المجتمع من إخفائها

قال النبي صلى الله عليه وسلم ( اجتنبوا هذه القاذورة "وفي رواية القاذورات" التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألم فليستتر بستر الله عز وجل، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله ) صححه الألباني - السلسلة الصحيحة 663

بوَّب الإمام البخاري في صحيحه : ( باب ستر المؤمن على نفسه )

وروى فيه هذا الحديث

عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ 

(( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ))

قال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث

(( قال ابن بطال : في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف لأن المعاصي تذل أهلها ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ومن التعزير إن لم يوجب حدا وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة والذي يجاهر يفوته جميع ذلك )) فتح الباري10/487


و يقول ابن القيم  في بيان ذم المجاهرة بالذنب

(( ومنها: أنه ينسلخ من القلب استقباحها، فتصير له عادة، فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له، ولا كلامهم فيه.وهذا عند أرباب الفسوق هو غاية التهتك وتمام اللذة، حتى يفتخر أحدهم بالمعصية، ويحدث بها من لم يعلم أنه عملها، فيقول: يا فلان، عملت كذا وكذا.

وهذا الضرب من الناس لا يعافون، وتسد عليهم طريق التوبة، وتغلق عنهم أبوابها في الغالب، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من الإجهار أن يستر الله على العبد ثم يصبح يفضح نفسه ويقول: يا فلان عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا، فهتك نفسه، وقد بات يستره ربه»
)) // الجواب الكافي 141

الطريفي -هداه الله - انطلق من فهم الخوارج حينما قال هذا , 

ويؤكد ذلك قوله

((  كما أن طاعات الخلوات أعظم فكذلك ذنوب الخلوات أخطر، لأن من لم تخفه في سرّك لن تطيعه في علانيتك إلا نفاقاً، فرَب السرّ هو ربّ العلانية ))
 
 هذا الكلام يُقال في المنافقين الذين قال الله فيهم

( وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ) [البقرة : 14]

أما المؤمن المقر بذنبه فلا يقال فيه من لم تخفه في سرّك لن تطيعه في علانيتك

إنما هذا فهم الخوارج , لا فهم أهل السنة


الخوارج الذين كَفَّروا صاحب الكبيرة بنفس الفهم فقالوا لو كان يؤمن بالله ما وقع في الكبيرة , والطريفي يقول ( من لم تخفه في سرّك لن تطيعه في علانيتك إلا نفاقاً، فرَب السرّ هو ربّ العلانية )

قال ابن عمر رضي الله عنه في الخوارج

( إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار، فجعلوها على المؤمنين ) البخاري

وهذه ليست المرة الأولى التي يقرر عبدالعزيز الطريفي مسائل وفق فهم الخوارج

بل سبق أن رددت عليه في مسائل أخرى , منها مقال بعنوان : عبدالعزيز الطريفي قولك هذا هو عقيدة الخوارج



أخيرا أنصح عبدالعزيز الطريفي -هداه الله - أن لا يتقدم بين يدي العلماء وأن لا يتكلم فيما ليس له به علم

فإنه هنا قال على الله بغير علم

وهذه للأسف ظاهرة في تويتر عند عبدالعزيز الطريفي وغيره , يقررون مسائل في الدين بفهم مغلوط ومخالف لم يسبقهم إليه أحد من أئمة الإسلام , ثم يأتون بآية أو حديث يظنون أنها تؤيد فهمهم المغلوط , ويظنون أن هذا هو العلم !

قال الإمام أحمد : لا تقل بمسألة ليس لك فيها إمام

والله الهادي إلى سواء السبيل

==============================

صحيفة الرؤية السلفية - تويتر

rslfi@

هناك تعليقان (2):

  1. قال ابن رجب الحنبلي عليه رحمة الله : "خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس" .

    وقال ابن عثيمين رحمه الله:" فهو فيما يبدو للناس يعمل بعمل أهل الجنة، أما فيما يخفى على الناس ففي قلبه سريرة خبيثة أودت به وأهلكته، ولهذا فأنا أحث دائماً أن يحرر الإنسان قلبه ويراقب قلبه، فأعمال الجوارح بمنزلة الماء تسقى به الشجرة، لكن الأصل هو القلب، وكثير من الناس يحرص ألا يخطئ في العمل الظاهر، وقلبه مليء بالحقد على المسلمين، وعلمائهم، وعلى أهل الخير، وهذا يختم له بسوء الخاتمة - والعياذ بالله -، لأن القلب إذا كان فيه سريرة خبيثة فإنها تهوي بصاحبه في مكان سحيق" شرح حديث ابن مسعود.
    فالقول بأن ذنوب الخلوات أصل الانتكاسات يقصد به الحث على الالتزام بتقوى الله في السر والعلن، وخشيته في الغيب والشهادة، وألا يجعل العبد ربه أهون الناظرين إليه، وليس المقصود به دعوة الناس إلى المجاهرة بالمعصية بدلا من الاستتار بها؛ فإن من تغلبه نفسه وشيطانه فيضعف أمام المعصية لكنه يستتر بها عن أعين الناس حياء وخجلا ، فهذا لا شك أن حاله أهون من حال من ألقى جلباب الحياء وزال من قلبه استقباح المعاصي، فصار يجاهر بها ولا يبالي ، فالمجاهر يأثم من أجل المعصية في ذاتها ومن أجل المجاهرة والاستهانة بها.

    ردحذف
  2. الطريفي يكاد يكون عقلانيا وهو لا يدري، وهذا المسلك واضح في كتاباته لمن تابعه بعين البصيرة لا عين الهوى والإعجاب بالمظاهر وسوق الأحاديث والآثار بالأسانيد وانطلاق اللسان وكل هذا عند الطريفي

    ولعل الله يسخر من طلبة العلم الناصحين من يجمع هذا في رد علمي يبين الحق وينكر المنكر

    ردحذف