السبت، 16 مارس 2013

الرد على خطاب سلمان العودة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

هذا رد على الخطاب الذي نشره سلمان العودة في تويتر 

قبل أي شي أود أن أنبه إلى أمر هام وهو أننا متعبدون بما أمر به الله عز وجل وبالتالي لسنا أمة تائهة تتبع كل ناعق

لذا قبل أن ننظر إلى خطاب سلمان العودة نطرح سؤالا مها وهو : من هو صاحب الخطاب وما هي مرجعية خطابه التي انطلق منها

ففي كتاب الله عز وجل ( يا قومنا أجيبوا داعي الله ) الآية

الدعوة للإستجابة إنما تكون لداعي الله , والرجال يصيبون ويخطئون وهم ينطلقون من مرجعية الوحي فما بالك بمن ينطلق في خطابه من أهواء محضة بل ومن منطلقات مصادمة للوحي

سلمان العودة يقدم خطابه بوصفه - شيخا - أي أن خطابه ذو مرجعية إسلامية ( هذا ما قد يظنه الجاهل بحاله )

وبالنظر إلى خطابه تجد أنه لا يمت للمرجعية الإسلامية بأي صلة , بل منطلقاته وأهدافه سياسية بحته مصادمة لمنهج أهل السنة مصادمة صارخة ( كما سيأتي ) خطاب يمكن أن تنسبه لماركسي شيوعي أو ليبرالي أو قومي عروبي , لا فرق , 

فعلى سبيل المثال يقول العودة

 النص الذي أوجب السمع والطاعة بالمعروف في العسر واليسر، هو الذي أوجب قول كلمة الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.

التعليق

هذا مجرد تمسح بالدين ليوحي أن خطابه ذو مرجعية دينية , فإن الشارع حين أوجب كلمة الحق أينما كان لم يجعلها هكذا مطلقة بلا قيد , لا يقول بذلك أحد ولا سلمان العودة نفسه , وهو الذي يرفض أن تقال كلمة الحق في نقده ( وهي كلمة مشروعة ) بل وهو الذي يرفض أن تقال كلمة الحق علانية في دول بعينها لأن حكامها من الإخوان المسلمين الذي ينتمي لهم فكريا

وديننا الحنيف لم يترك لنا صغيرة ولا كبيرة إلا بينها , فكيف بمسألة التعامل مع ولاة الأمور وهي مسألة عظيمة , حيث أطر الشارع الحكيم أطرا ورسم منهجا في التعامل مع ولاة الأمور ومناصحتهم ولم يترك الأمر للفوضى ( كما يريد أهل الأهواء )  ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ، ولكن يأخذ بيده فيخلوا به ، فإن قبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذي عليه) رواه أحمد والبيهقي والطبراني وابن أبي عاصم وصححه الألباني واحتج به الشوكاني ولم يضعفه إلا أتباع الفكر الحركي السياسي في هذا العصر , ممن يسعون لتضعيف الأحاديث التي تصادم مناهجهم ولا توافق أهواءهم

يؤكد هذا المعنى العظيم ما قاله أسامة بن زيد رضي الله عنه في نصيحة ولي الأمر , واعتبر المجاهرة في النكير خلف الإمام بدعة

حين قيل له: ألا تدخل على عثمان لتكلِّمه ؟ فقال: (أترون أني لا أكلمه إلا أُسمعكم ؟ والله لقد كلَّمتُهُ فيما بيني وبينه من دون أن أفتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه ) رواه البخاري ومسلم

قال القاضي عياض ( مراد أسامة أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام؛ لما يخشى من عاقبة ذلك، بل يتلطف به وينصحه سرًّا فذلك أجدر بالقبول )

وكذلك ما صح عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه  ,, عن سعيد بن جبير قال: "قلت لابن عباس رضي الله عنهما آمر إمامي بالمعروف ؟ قال: إن خشيت أن يقتلك فلا؛ فإن كنت ولا بد فاعلاً ففيما بينك وبينه, ولا تغتب إمامك" ) رواه سعيد بن منصور في سننه , والبيهقي في "الشعب"

واعتبر أهل السنة التشهير بولاة الأمور من خلفهم  ليس من منهج أهل السنة إنما هو منهج الفرق المبتدعة كالخوارج والمعتزلة والرافضة ( انظر -مفتاح دار السعادة- لابن القيم 1/72 )

ولو نبش سلمان العودة وأمثاله كتب المسلمين لن يجدوا ما يشرع الإنكار على ولي الأمرلا في جمع خلف الحاكم ,, كل الإنكارات العلنية الواردة كانت بين يدي الحاكم , أما من كانوا ينكرون خلف الحاكم فهم المبتدعة كما تقدم


هذا فيمن أراد أن ينصح ولي الأمر بحق وعلم , فما بالك بمن يفتئت على ولي الأمر في أمور لا يعلم عنها شيئا 

لذا فخطاب سلمان العودة لا علاقة له بقول كلمة الحق , ولا بمنهج أهل السنة والجماعة في مناصحة الأمراء , وإلا لسبقه إليه كبار علماء هذه الأمة , إنما هو خطاب معارضة سياسية محض يستغل أجواء الثورات العربية طمعاً في إحداث تغيير في هذه البلاد طالما حلم بها العودة لصالح منهج نشأ عليه , لذلك تجد من الإيحاءات الكاذبة في الخطاب ما يؤكد هذا القصد

حيث يقول العودة

لم أفقد الأمل بعد من إمكانية تخفيف الاحتقان وفتح أفق للتدارك والإصلاح

هذا أسلوب مكشوف ورخيص يهدف من خلاله أن يعطي انطباعا أن الوضع محتقن في البلاد  , هو هنا يريد تعبئة الناس وشحنهم فقط لا غير ولا يصف حقيقة ما عليه الناس

يقول العودة

أدافع عن السجناء ، وكثير منهم غير راضٍ عني، وبعض من خرجوا يهاجمونني .. ومن واجبي الدفاع عنهم .. الحقوق ليست مقصورة على من يتفقون معنا

هذا يؤكد أن سلمان العودة إنما يريد التحريض فقط لا غير , وإلا فسلمان العودة نفسه قال في محاضرة قبل استواء الثورات أن من لم يرتدع بالوعظ ارتدع بالسيف والحل الأمني , وكان يتحدث عن المتورطين بفكر التكفير والتفجير , 

(انظر الرابط التالي https://www.youtube.com/watch?v=erNe0Wg-QaI ) او ابحث في يوتيوب عن "سلمان العودة يستنكر ثورة تونس ويدعو للسمع والطاعة"

والآن يطالب بإخراج المتورطين بفكر القاعدة , يطالب من كان يقول عنهم ( من لم يردعه الوعظ ردعه السيف والحل الأمني )

الحقيقة أننا أمام خطاب رجل ميكافيلي وصولي اعتاد الكذب والتلون ليس إلا

كتب سلمان العودة في خطابه (المستهلك ) هذا أربعا وستين تغريدة ليس فيها إلا التحريض المبطن على الثورات وإراقة الدماء وليس فيها حلولا ,, كله كلام في عموميات

مثلا .. يقول 


 الثورات إن قمعت تتحول إلى عمل مسلح،

هو هنا أيضاً لا يعبر عن واقع إنما يعبر عن أمانيه , ويظن أنه بهذا يرسل إشارات إلى وعي الناس ( ثوروا )

وإلا فالشعب السعودي كله - باستثناء من أحرق الغل قلبه من رافضة وليبراليين وإخوان مسلمين وخوارج- لا يريدون ثورات , يعصمهم دينهم وعقلهم أن يخربوا بيوتهم بأيديهم , ويخالفوا ما أمرهم دينهم من السمع والطاعة في كل حال مالم يروا كفرا بواحا , ومن أجل ماذا يثورون ؟ من أجل إسعاد جماعة حزبية وصلوا للحكم في مصر وتونس فلا أقاموا دينا هناك ولا أبقوا دنيا

سلمان العودة يظن أن الناس خراف يسوقهم , قبل الثورات كان يتكلم بخطاب والآن بخطاب آخر وغدا سيغير جلده ويطرح خطابا آخر , ويخرج بفيديو يعنونه بــ ( وسم نعم أتغير 2 )

يقول العودة

 الله يعلم أن قلبي لا ينطوي على غش لأحد

هو هنا يستجدي عاطفة الناس لأنه خسر كثيرا وكثيرا جداً من مصداقيته , وإلا فالحق لا يحتاج معه الناصح أن يشهد الله على ما في قلبه 

إنما هو أسلوب شبيه بأسلوب من قال الله فيه ( وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) الأعراف 21

فالشيطان ليس معه دليل يقنع به ولم يجد إلا حيلة (  إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ )

العودة هنا يظن أننا دراويش سنصدق كذبه , فأي قلب يشهد الله عليه ؟؟

أهو قلبه الذي حرض فيه للجهاد في العراق ثم راح يستغيث بالأمير محمد بن نايف ليعيد له ابنه بعد أن ظن أنه ذاهب للعراق ؟

أو هو قلبه حين لمع الرافضة والليبراليين وأراد أن يقوي شوكتهم في بلاد التوحيد بالوقوف معهم ؟؟

أو هو قلبه حين لمع القذافي وزين العابدين بن علي وقام بحملة للترويج لهما بالأمس القريب ؟؟

انظر هذا الفيديو


أو ابحث في يوتيوب عن " سلمان العودة والقذافي وزين العابدين "

أو هو قلبه حين جمع فتيات وشباب بعمر الزهور في فندق ليكسر حاجز العفة فيهم ويعلمهم فنون الثورات باسم النهضة

قلبك يا سلمان العودة متلون متقلب , فلا تشهد الله عليه , الله أعز وأجل سبحانه

قال تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ (205) البقرة

جاء في تفسير القرطبي (  لما ذكر الذي قصرت همتهم على الدنيا في قوله : { فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا } ا.هـ.

سلمان العودة هو من أولئك الذين قصرت همتهم , فأرادوا الدنيا , والدليل على ذلك كلامه هو , عندما قال في تسجيل مصور أنه لا يعلم إن كانت تصفية العقيدة مطلبا للنهضة في الدنيا

تفضل شاهد



أو ابحث في يوتيوب عن "سلمان العودة ( وسم ) نعم أتلبرل "

إذاً سلمان العودة هدفه دنيوي بحت , ولذلك وصف الشيخ صالح الفوزان في تقريظه لكتاب "الرد على أسئلة الثورة" العودة أنه إذا وجد نصوصا تعترضه قام يؤلها ويصرفها عن مدلولها كما يفعل أهل الأهواء ( راجع مفضلتي في تويتر )

ولذلك أوصى كبار علمائنا وعلى رأسهم ابن باز بمنع سلمان العودة قبل سنوات من إلقاء الدروس والمحاضرات إن لم يرجع عن منهجه  ولذلك حذر ابن عثيمين من سماع أشرطة سلمان العودة لأن فيه ثورية 

تفضل اسمع


او ابحث في يوتيوب عن "العلامة بن عثيمين يحذر من اشرطة العودة و الحوالي"

 العودة لا يعنيه أمر التوحيد والسنة , ولا العناية بالضرورات الخمس التي جاء الدين بحفظها ( الدين النفس المال العرض العقل )

لديه الإستعداد لنسف كل هذا من أجل تحقيق ما تؤزه الشياطين إليه من الأهداف الدنيوية

ولذلك لم تجد في خطابه إلا كلاما إنشائيا تحريضيا ليس فيه دليل من وحي ولا أثر ولا نقل عن علماء المسلمين

فمن كان يريد الله والدار الآخرة يمقت خطابه ويمجه ولا يرضى بغير الأخذ عن العلماء الربانيين , أما من أخلد إلى الأرض وما أراد إلا الدنيا فهذا سيتبع كل ناعق سواء كان سلمان العودة أو غيره من دعاة الضلالة

أخيرا أنبه الجميع إلى أن يتقوا الله في أنفسهم , خصوصا أن حال سلمان العودة وطوامه لم تعد تخفى , قال ابن سيرين " إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"

قال تعالى ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ) الآية

الفتن أشد إغراءا لضعاف النفوس من إغراء الحسناء للشاب الأعزب

والأمر ليس مبهما كما بينت ,, أمر هذا الدين واضح ,, من لم يقتنع كفاية بما أقول فليراجع ما قرره كبار علماء المسلمين في هذا الشأن وأجمعوا عليه

والله أعلم وأحكم وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه

والحمد لله رب العالمين

---------------------------------------------------------

صحيفة الرؤية السلفية - تويتر
RSLFi@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق