بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
أما بعد
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية
( قد يمكن الله كثيرا من الملوك الظالمين مدة. وأما المتنبئون الكذابون: فلا يطيل تمكينهم. بل لا بد أن يهلكهم. لأن فسادهم عام في الدين والدنيا والآخرة , قال تعالى {ولو تقول علينا بعض الأقاويل} {لأخذنا منه باليمين} {ثم لقطعنا منه الوتين} وقال تعالى {أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك} فأخبر: أنه - بتقدير الافتراء - لا بد أن يعاقب من افترى عليه. ) مجموع الفتاوى 270-269/ 14
يجب أن يعي مؤيدوا الإخوان أن الديمقراطية لا تأت بالإسلام وأن سقوط الإخوان هو خير للإسلام والمسلمين , لأن في حكمهم فساد عام لدين الناس , وذلك لأن الإخوان من أجل الوصول و البقاء في الحكم قدموا تنازلات تنسف الحكم الإسلامي من أساسه , فتحول الشعار من ( الإسلام هو الحل ) إلى ( الليبرالية هي الحل )
والمؤيدون للإخوان ( ممن يريد الخير للإسلام فعلا ) تقبل هذا العبث الذي قام به الإخوان وتشبث بأوهام لا تسمن ولا تغني من جوع مثل ادراج بعض البنود في الدستور والتي على رأسها ( مبادىء الإسلام هي مصدر رئيس للتشريع ) علما أن هذه المادة أدرجت في زمن السادات وهي لا تعني أحكام الإسلام (كما صرح بذلك الإخوان أنفسهم ) إنما تعني مبادىء الإسلام "التي لا تتعارض مع العلمانية كالحق والعدل الخ.. " كما صرح بذلك مرسي في جمع من الناس
وبالتالي فإن تمكين الإخوان سيكون خطرا على الإسلام والمسلمين وتزداد الخطورة مع مرور الزمن لأن تقبل (علمنة الإسلام ) الذي يقوم بها الإخوان لن يقف عند حد , فتبريرهم بدأ من تبرير مخالفات لأصول الإسلام وأصول الحكم في الإسلام
فإن بقي الإخوان في الحكم ستصبح الشعوب المسلمة بالتدريج قابلة للعلمانية لكن بشكل أخطر لأنهم سيقبلونها على أنها لا تتعارض مع الإسلام ( وهذا حدث منذ أول عام في حكم الإخوان فما بالك لو استمر الأمر لسنوات ) هذا لا شك أنه من أعظم الصد عن سبيل الله
ما أقوله ليس ظنونا مجردة , بل حدث هذا فعلا , فرأينا من كان يشدد على مسألة الحكم بالشريعة يصل إلى حد تكفير من لم يحكم بها "قبل الثورات" ينتقل إلى تبني أفكار موغلة في العلمانية الليبرالية مثل ( حكم الشعب )
ورأينا من كان يكفر حسني مبارك لأجل معبر غزة وأنفاقها يتقبل اغراق أنفاق غزة بمياه الصرف الصحي ويتقبل رسالة مرسي لرئيس اسرائيل بيريز وهي رسالة لو كتبها يهودي ليهودي لما جاد بأكثر مما جاء فيها من مشاعر الحب والوفاء
فضلا عن تقبلهم لأفعال وصريحات هي مصادمة للعقيدة من مرسي وبقية قيادات الإخوان تعبر عن علمانية صريحة تغلف بمصطلحات مضللة مثل ( الدولة المدنية ) وغيرها من المصطلحات ( والذي يبرر ويتجاوز هذه الطوام يفعل ذلك على أمل أن تحكم مصر بالإسلام )
قال الله تعالى عندما حذرنا وبين لنا مخطط الشيطان الرجيم لإفساد الخلق ( يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً )[النساء : 120]
يساعد في ذلك أن المؤيدين للإخوان أو للحكم الإسلامي من خلال الديمقراطية ليسوا سواء فمنهم من يقصد الإسلام ومنهم من يريد مقاصد دنيوية محضة تتفق مع مقاصد الليبراليين ( كالعدل والحرية وتداول السلطة الخ..)
فالطرف الأول سيسكت عن طوام الإخوان بحجة أنه يأمل أن الإسلام سيحكم من خلالهم بالتدريج في يوم من الأيام فيعيش حياته يبرر ويتأول ويقفز فوق ثوابت الدين ويقول هؤلاء خير من العلمانيين لأن من ورائهم رجاء أن يحكم الإسلام أما العلماني فلا ترجو منه ذلك
والطرف الآخر يريد إسلاما ليبراليا ( أي إسلام شعارات والمضمون علماني )
والنتيجة النهائية هي تحريف الدين فيصبح تبرير علمنة الإسلام قناعة بحد ذاتها مع مرور الوقت عند من كانوا يريدون أن يحكم الإسلام , ويصبح الدين عندهم هو مجرد ما يقوم به معاش الناس من الأمور الدنيوية
والبقية الباقية التي لم تقتنع سيكون بينها وبين من رضوا واقتنعوا مواجة حتمية , فيزيد التشرذم والانشقاق بين المسلمين , كانوا في السابق في السياسة صف علماني وصف إسلامي , فزاد الانقسام إلى صف علماني وصف علماني يزعم الإسلام وصف إسلامي يريد الإسلام
فيصبح الصراع ليس على حكم الإسلام بل على تعريف الإسلام وهل هذا الأمر أو ذاك يضاد الإسلام أم لا
قد يقول قائل إذاَ ما الحل ؟؟
الجواب
الله عز وجل سن سننا في هذا الكون لا تتبدل ,, وسن سننا ومنهجا شرعيا للإصلاح لا يمكن تجاوزه , فلا بد لمن أراد الإصلاح أن يسير وفق المنهج الذي سنَّه الله لخلقه , يقول تعالى ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ) الآية
وقال سبحانه ( سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ) [الفتح : 23]
فمن أراد نصر الدين , والحياة الطيبة للمسلمين فلا بد أن يسير على المنهج الرباني , بالضبط كما جعل الله سننا للطيور والنباتات والحيوانات والنجوم والكواكب وجميع خلقه
ولا يمكن القفز فوق هذا المنهج الرباني حتى لو كان القصد هو الإصلاح ,, لأن من يفعل ذلك يكون كمن يطلب الثمر دون أن يزرع
حتى من أراد أن يزرع لا بد أن يسلك الطرق الصحيحة للزراعة ولا يستطيع أن يقفز فوقها فيجعل ظهور الثمر قبل نمو النبات والشجر , هذا محال
قال تعالى ( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ) الآية
نفس الشيء حياة الناس , فيها زرع بمنهج رباني والثمر يُجنى بعد ذلك من الله عز وجل
وبالتالي من يتبنى الديمقراطية ويقرر أصولها بحجة أنه يريد أن ينصر الدين ويحكم بالإسلام هو كمن يزرع شجرة خبيثة وينتظر منها ثمرا طيبا
للمزيد حول الحل الناجع لواقع المسلمين فضلا اضغط هنـــــــــــــــــا وهنـــــــــــــــــــا أيضــا
والله أعلم وأحكم وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل
----------------------------------
صحيفة الرؤية السلفية - تويتر
@rslfi
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق